Sunday, April 23, 2006

(7)

لم يعتد (منير) العمل منذ فترة ، المواعيد الصباحية والالتزام ، تغير كثيرا شكل مبني المطحنة ، لم يعد ذلك المبني القديم ذو المكاتب المتهالكة ، صار نظيفاً ، والموظفون يدل منظرهم علي راحةٍ ما ، صار الآن لمنير مكتبه الخاص ، حجرة صغيرة بمروحة في الركن وصورة قديمة لرئيس الجمهورية خلفه وآية الكرسي أمامه ولكنها كانت كافية للغرض ، لم يكن (فتحي) مديراً سيئاً للغاية كسابقه ، كان دمثاً ، ولكنه كان يعتقد أنه لا يعامله هكذا إلا لأجل (سامية) ، حادثه (فتحي) كثيراً ليلة العشاء عن اليات العمل بالمطحنة حاليا ، لم يكن (منير) مطمئناً تماماً لحديث (فتحي) الذي حاول قدر الامكان أن يكون ودوداً فيه ، نصف ساعة قضاها (منير) في الانصات في الشرفة مستمعا لكلام (فتحي) الودود ، " بص يامنير ، الشغل اتغير كتير عن زمان ، بقي فيه نظام وكل واحد بياخد حقه ، حترتاح جدا يا منير صدقني وهانشوفلك حد يساعدك كمان في العمليات الكتابية اللي انا عارف انك مش بتحبها، انا عايز اريحك" لم يقتنع (منير ) بكلام فتحي عن الراحة وما الي ذلك ولكنه قبل العودة للعمل لأنه أحس أنه يجب أن يفعل شيئاً غير محاولة البحث عن وحدة جديدة كل يوم ، (سامية) أيضاً تغيرت ، ليس فقط شعرها التي جعلته قصيرا ، كل شيء فيها تغير ، يتذكر شكل عينيها الماكرتين وهي تنظر اليه نظرتها الجانبية الماكرة ، ويتذكر أيضا ارتباكها الواضح حين كانت تقابله ، هي الآن ليست المرأة التي ترتبك ، في نصف العشاء كان يعرف أنه يجب أن يخرج من بيتها قاسماً ألا يعود ، أحس أنه لا يعرف أصحاب هذا البيت الذي يستضيفه بكل تلك الحفاوة ، كان حين يسترق النظر إلي (سامية) يجدها تنظر (لمروة) نظرة لم تريحه ، حاول أن يفسرها " هل هي غيرة؟" ولكنه استبعد هذا الاحتمال لأنه من الواضح أن سامية تحب " فتحي" وأنهما يعيشان في استقرارٍ واضح ، دارت بذهنه الآن ذكري موت طفليه ، وذكري الثلاث سنوات التي قضاها وحيداً يلوك ذكري طفليه والتي جعلته بعيدا عن العالم لهذه الدرجة ، وذكري سنوات السجن ، و(فاطيما) التي تحيا الآن في روما مع اصدقائها وربما مع عشيقٍ إيطالي وسيم للغاية ، سمع طرقات علي باب الحجرة ، دخل عم (مرزوق) الساعي ليخبره أن (فتحي بيه) يريده في مكتبه ، قام منير متكاسلاً دق باب غرفة (فتحي بيه) ودخل " منير! انت حددت معاد للمقابلة؟" سأل فتحي ، "مقابلة ايه؟" ، "مش قلتلك عايزين حد يساعدك؟" ، " اه افتكرت ، ماشي ، بكرة الساعة 12 " ، " طيب روح انت يا منير دلوقتي" ، خرج منير وهو يتساءل عن سر طلب (فتحي) له ولماذا لم يخبره هاتين الجملتين في التليفون ، أم هو يرتاب في شيءٍ معين ، دخل (منير) مكتبه وطلب(مروة) في الهاتف ، إنها تسكن معه الآن في بيته ، ويعاملها كزوجته تماما ، وهي أيضا مخلصة له أو هو يراها كذلك .
--------------------------------------
بعد ليلة العشاء لم تتغير حياة (سامية) و(فتحي) كثيراً ، كانت تلك الحياة الهادئة الخالية تقريبا من المشاكل ، وظلت علي هذا الحال فيما عدا أن عاود (سامية ) شرودها المستمر ، وتوقفها عن الكلام بغتة في منتصف الحديث لتسرح بعقلها تماماً ، لم يكن (فتحي) مرتاحا لشرود (سامية) المتواصل هذا ، الكل يحاول مداراة ما كان بين (منير) و(سامية) حتي أم (سامية) حين سألها لم تجبه سوي بهمهمةٍ غير مفهومة ورفضت فتح هذا الموضوع نهائياً ، في هذا اليوم رجع (فتحي) من العمل ليجد (سامية) لم تذهب لعملها واقفة في الشرفة تحدق الي الشارع ، فاجأها فتحي بوجوده ، ، وقف جوارها ، ونظر إلي ماتنظر إليه ، فلم يجد شيئا يستحق كل هذا التحديق ، سألها " في ايه يا سامية؟ ، "شايف يا فتحي القطط المرمية ع التلج هناك؟" ، قطط ايه؟ ودم مين؟ " ، " القطط يافتحي القطط اللي سايحة في دمها اهي" ، تذكر حديثاً مشابها كان يدور ليلة العشاء عن الكابوس الذي ذكره "منير" وعن القطط الميتة حاول أن يربط بينهما لكن لم يعفه عقله المجهد ، "سامية ، واضح انك تعبانة تعالي عشان ترتاحي" ، "مش هاستريح يا فتحي انا عارفة ، مش هاستريح غير لما منير يبطل يحلم بالكابوس ده " ، هو بيشوفها في الحلم وانا باشوفها في الحقيقة أدام عنيا بتصرخ قبل ماتموت" ، وانفجرت في بكاء هستيري أفزعه لم يدر ماذا يفعل غير أن يتصل بمنير ربما يعرف شيئا لا يعرفه ، الهاتف يرن ولا أحد يرد ، لا منير ولا مروة ، ترك الهاتف وساعد سامية تي أجلسها وهي لم تزل تبكي ، ارتمي جوارها ودفن وجهه بين كفيه وبكي هو الآخر ولكن في صمت.

Posted by Pianist at 3:43 AM 5 comments



Saturday, April 15, 2006

(6)

دخل ( منير ) ممسكاً فى يده يداً أخرى بيضاء ظهرت بقيتها فى الشقة على هيئة ( مروة توفيق ) .... بعد أن صافح ( فتحى ) بادر بتقديمها اليه :
" مروة صاحبتى , كان بيننا معاد انهاردة و ماكنش ينفع أؤجله "

صافحها ( فتحى ) ثم قادهما مغرقاً اياهما فى عبارات الترحيب حتى غرفة الجلوس ... ظل ( منير ) يحملق بلا اكتراث حقيقى فى كل ما تقع عليه عيناه حتى جلس فى النهاية على كرسيه بجوار الشرفة ... الضوء خافت و الهدوء يخيم على المكان بلا سببب محدد , و ( فتحى ) مستمر على فترات يلقى بعبارات ترحيب كانت تزيد من ثقل الصمت حين يسكت و لا يجد ما يقوله ... الجو العام رتيب للغاية على غير المتوقع من الجميع , بعد قليل جاءت ( سامية ) بخطوات ثابتة محسوبة .. " ازيك يا منير ؟ "

تقدمت نحو ( منير ) و صافتحه و هو لا يزال جالساً على مقعده مبتسماً تلك الابتسامة المفاجأة كعادته حين يرحب به أحدهم .. أخبرها ( فتحى ) ان الجالسة بجوار ( منير ) هى صديقة له , صافتحها بنفس الترحاب و لكن بلا كلمة واحدة .. تركتهما و اتجهت نحو المطبخ لتعود بصينية كبيرة عليها أقداح فارغة و عدة أطباق ممتلئة بالمخبوزات الصغيرة ... صبت الشاى و وضعت مكعبات السكر دون أن تسأل ... لا يزال السكون اللا مبرر يخيم على أربعتهم مهما حاول ( فتحى ) على فترات السؤال عن آخر الأخبار و الأحوال , الجو مرتبك الى حدٍ بعيد .... استأذن فى النهاية و طلب من ( منير ) مصاحبته الى الشرفة و معه قدح الشاى للحديث قليلاً فى الهواء الطلق حتى تنتهى ( سامية ) من اعداد العشاء ... أشعلا سيجارتين ثم غابا سوية فى الشرفة المظلمة عدا من بضعة أضواء كابية لمحال تجارية أمامهما .

*******

بعد نصف ساعة كاملة أنهى ( فتحى ) حديثه مع ( منير ) و غادرا الشرفة على اثر نداء ( سامية ) لهما .. طاولة الطعام صغيرة تكفى أربعة بالضبط .. ( مروة ) تضع طبقين كانت تحملهما معها ثم تجلس على الكرسى المجاور ل ( منير ) .. الجميع فى اماكنه , بدأت أصوات الملاعق تبطش بالأطباق فى عشوائية كانت فى الحقيقة أكثر تنظيماً من السكوت المرتبك الذى عاد مرة أخرى ليسيطر على العقول ... و دون أن تنظر اليه مباشرة فى عينيه باغتت ( سامية ) الجميع بسؤال ل ( منير ) : " لسه بتجيلك كوابيس يا منير ؟ "

رد عليها بنفس الهدوء و هو لا يزال محملقاً فى قطع المكرونة الباقية أمامه فى الطبق : " غير الكابوس اللى أنا فيه !! " ثم شفع اجابته بابتسامة مفاجأة أيضاً حين لاحظ حدة كلماته .... أطرق الجميع فى صمت , حملقت ( مروة ) فى وجهه ثم أشاحت بنظراتها بعيداً , تشاغل ( فتحى ) بتنظيف بنطلونه من قطعة مكرونة سقطت عليه , ( سامية ) هى الوحيدة التى ردت الى ( منير ) ابتسامته بأخرى أكثر هدوءاً , بعد نوبة سعال زائفة قطع ( فتحى ) التوتر الزاحف : " انت شكلك مش مبسوط م الاكل الظاهر !! "

" أبداً ... أنا قصدى عموماً , الموضوع كله بقى زى كابوس ..... طب استنى لما نخلص أكل و هاحكيلك واحد جالى انهاردة الصبح " ثن نظر الى ( مروة ) قائلاً " ماشى يا مروة !! .. اسمعى الكابوس دا " رد منير .

*******

" كنت ماشى انا و واحد صاحبى بليل فى شارع ضيق فيه مدرسة ... الشارع كان متغطى بتلج أبيض كتير ... جمب سور المدرسة الحديد لقينا ييجى تلاتين أربعين قطة مرميين فوق بعض و سايحين فى دمهم .. قطط بيضا و ناعمة و شعرها تقيل , بقع الدم الحمرا لونها فاقع فوق التلج الأبيض .. حوالين كل قطة بقع الدم محدداها عن القطط التانية , وقفنا ساكتين زى ما يكون كل واحد مستنى التانى يبدأ بالكلام .. فجأة سمعنا حركة قطة تحت رجلينا ... من غير ما أفكر جريت و جبت كيس مرمى ف الشارع و حطيت القطة فيه مش عارف ليه !! ... و أول ما دخلتها الكيس سمعت صرخة عالية فزعتنى .. اتنفضت و رميت الكيس من ايدى , خرجت القطة م الكيس بتعرج و صوت صويتها عالى و أنينها يجرح زى ما تكون ست عجوزة بتموت م الألم .. صرخة احتضار , الدم كان بيسيل منها و هيا ماشية بعيد عنا , دققت فى رجليها اللى بتعرج شفت عضم ركبتها باين أدام عينى ... شايف مفصل ركبتها بعينى مفيش عليه حتة لحم .. رجليها مفسوخة من عند الركبة و عماله بتنزف دم و صريخها لسه طالع للسما و شعرها لسه أبيض و نضيف "

سكت ( منير ) لثانيتين طالتا أو قصرتا لكنهما كانت شديدتا الوطأة على الجميع " بس ... و صحيت "

( سامية ) و ( فتحى ) و ( مروة ) فى حالة موت اذا ما اعتبرنا أن للأموات تلك القدرة على تحريك الملاعق بعصبية غير مفهومة ليصنعوا صوت الاصطدام القاتل على أطباق الطعام بهذا الشكل ... بنفس العصبية سألت ( سامية ) فجأة : " ماكنتش بتحب القطط يا منير ؟ "

رد عليها بسرعة : " لأ .. أنا بحب القطط "

عالجته برد كانت تضغط على كل حرف فيه بنبرة أكيدة الى حد بعيد " أيام الكلية كنت لما بتشوف قطة بتصوت ف الشارع كنت بتجرى وراها تضربها فى بطنها "

سكت ( منير ) للحظات ثم رد باستسلام دون أن ينظر اليها او الى أى شخص فى الصالة : " يمكن ... مش بحب القطط فعلاً "

*******

" مع السلامة يا منير , مع السلامة يا مروة .... مستنيك الخميس الجاى ف المكتب ما تنساش " سمع ( فتحى ) تكة انغلاق المصعد و الصوت المميز لنزوله , أغلق باب شقته ثم ارتمى على مقعد خشبى بجوار الباب و تنهد تنهيدة عميقة ... رفع رأسه و نظر الى آخر الممر على يمينه حيث غرفة نومه , وجد نورها مضاءاً و ( سامية ) تجلس على مقعد مسترخية تحملق فى سقف الغرفة فوقها و سيجارة مشتعلة بين أصابعها .... تحاول فهم الكابوس , تتذكر جيداً حيلتها القديمة مع ( منير ) حين يسأل أحدهما الثانى عن آخر كوابيسه ليبدأ فى الحكى مستخدماً رموزاً خاصة لا يعرفها غيرهما تعنى أشياءاً محددة لكليهما ... أشعل ( فتحى ) سيجارة و هو لا يزال محدقاً فى ( سامية ) التى تحدق بدورها فى السقف و لا تراه ....

Posted by Solo at 10:44 AM 9 comments



Monday, April 03, 2006

(5)

"الحادي و الثلاثين من ديسمبر .. الحادية عشرة مساءا ً.
وضعتُ سماعة الهاتف و انفجرتُ في البكاء، أعلم أنك سمعت صوتي أنتحب في الهاتف، لكنك لم تسمع سوى ما سمحت لنفسي به، ثلاثة سنوات يا منير و أنا لا أمل الاتصال بك فقط لأتاكد أنك لم تنتحر بعد، فأنا أعلم الناس بأنك ستفعلها يوما ً ما، و كيف لا أعرف ذلك يا منير و أنا أعلم الناس بك؟ عرفتك أكثر حتى من زوجتك التي لم تعرف عنك سوى أنك سبب تعاستها، أدرك أنك لم تحبها أبدا ً يا منير، أدرك أنك تزوجتها بعد خروجك من السجن فقط كي تسعد أباك الذي كاد يقتله إحباطه. انت تزوجت (فاطيما) الجميلة لأنني تزوجت (فتحي). و كيف كان لي أن أتزوجك و أنا أخشاك يا منير؟ أخشى أن أتخيل أننا معا ً ، كما أخشى النظر إلى كل شيء أعلم أنه مؤقت ٌ في حياتي و أعلم ُ أنني سأفقده يوما ً ما. كيف كان لي أن أتزوجك و أنا أعلم تماما ً أنك لم و لن تكون لامرأة واحدة. سا محني يا منير."

انتهت (سامية عاشور عثمان) من كتابة كلماتها و شردت في الورقة قليلا ً، ثم اتجهت إلى المرآة و أطالت النظر إلى شعرها الغير منتظم و وجهها الذي تجعد قبل أوانه. تدريحيا ً تحولت نظرتها الشاردة في المرآة إلى نظرة احتقار و اشمئزاز. (سامية) تعلم تماما العلم أنها تجيد الكذب و تصديق الكذبة، تعلم أنها تخلت عن منير ليس لأنها تخشاه، تعلم أن عمّها لواء الأمن المركزي كاد يقتلها عندما علم من أبيها أنّ منير يريد أن يخطبها:" عايزة تتجوزي عيل خول .. فاكر نفسه حاجة؟ عايزة تتجوزي واحد تفضلي انتي و هو متراقبين طول حياتكوا؟ الموضوع ده تشيليه من دماغك لحسن قسما ً بالله .. أرميكي انتي و هو في السجن!!". و الحق أن منير لم يلبث في السجن سوى شهرا ً أو يزيد من أكتوبر 1985 إلى نوفمبر1985، بعدعامٍ واحد من تخرجه من كلية التجارة جامعة الإسكندرية، خرج ناسيا ً كل شيء عن الحزب الشيوعي المصري و عن كل شيء يمت للشيوعية بصلة. و هي لم تكن تفهم شيئا ً في كل هذا، لم تفهم أساسا ً لماذا سجن و لماذا خرج و لكنها خافت. و تجاهلت حلمها بمنير الوسيم المتحمس لكل شيء جديد الذي لم تستطع فتاة أن تقاومه أبدا ً، و إن لم يبذل هو أي مجهود بل و لم يبد ُ مهتما ً أصلا ً.

تزوج هو (فاطيما) الجميلة، و تزجت هي (فتحي) الواعد بحياة مستقرة، و إن لم يفارق منير مخيلتها للحظة، و لم يحب هو (فاطيما) للحظة.

"فقط لو أنك لم تتزوج (فاطيما) يا منير، لو أنك أخترت أخرى بدلا ً من صديقة ٍ لي، لو أنك أجدت لعبة الابتعاد كما تمنيتُ لك أن تجيدها، لو أننا فقدنا كل مقدرة على الاتصال!"

أستطاعت سامية بلا مجهود كبير أن تقنع (فتحي) بمحاولة إرجاع (منير) إلى العمل مرة أخرى، لم ينجح فتحي في إخفاء ضيقه:"أنا مش فاهم يعني .. ده راجل شبه مجنون .. شتم المدير اللي فات و كان وقح مع كل زمايله في الشغل حتى صحابه! إيه اللي يهمك قوي كدة فيه؟" و لكنه كان يعلم ما يهمها، يعلم أن (منير) كان هو سابقه، يخشى رؤيته، يخشى أن يتطرق الحديث إليه دائماً، هو يعشق سامية، و لا يتخيل نفسه بدونها، لذلك يتجاهل كل ما يتعلق بذكر منير دائما ً، هو ذلك الشعور بأن الخطر لن يشتد إلا بذكر الخطر، و منير بالنسبة له خطرا ً كبيرا ً.
"يا فتحي حرام نسيب الراجل كدة .. ده غلبان .. حط نفسك مكانه يا أخي .. و مالكش حجة .. انت ربنا كرمك و بقيت المدير .. إعمل حاجة خير لحد محتاج بقى .. أنا صعبان عليا الراجل و الله" و يذعن (فتحي) بل و يدعو (منير) للعشاء في بيته بحجة أن :" عشان أبقى أخليت ذمتي من الموضوع ده .. و ما ترجعيش تقولي إني أناني و مش هاممني غير مصلحتي .. و لما تبقي تشوفي تصرفاته قدام عنيكي .. تبقي تصدقي إنه ما يستاهلش .. ما يستاهلش أي حاجة !".
و لا تدري (سامية) كيف تتصرف، تشعر بخبث زوجها، و تشفق عليه، المسكين يريد الخلاص بأية طريقة حتى و إن كانت الطريقة أن يدعو منير للعشاء في بيته. أليثبت حسن نيته و يحاول إقناع منير بالوظيفة؟ أم ليعرف ماذا يدور وراء السد المرتفع؟ ليرى ماذا قد يحدث إن إجتمعت زوجها برجلٍ يشك هو أنها تحبه؟
لا تعرف كيف مر الوقت، تعد طعاما ً ثم لا يعجبها فتكثر من الأشياء الغير ضرورية جدا ً و الأطباق الجانبية، يقترب موعد العشاء فتتزين ثم ترتبك كثرا ً فتزيل زينتها بسرعة بالماء فتمتزج الأصباغ و يبدو وجهها شائها ً مخيفا ً فتنظر لصورتها في أية مرآة و تبادر نفسها بضحكة مرتبكة، يقترب الموعد فترتجف. يقترب الموعد أكثر فتردد لنفسها:" راجل غلبان جاي يتعشى عندنا .. راجل مسكين مراته سابته و ولادة ماتوا .. ربنا يخفف عنه".
يدق جرس الباب فتمتقع تماما ً، و تسمع صوت زوجها آتيا ً من الخارج:" يا أهلاً يا أهلا ً .. إيه يا عم بتتقل علينا ولا إيه .. إتفضل يا (منير) .. نورت و الله !"

Posted by Guevara at 8:46 AM 6 comments